تحظى المملكة العربية السعودية بمكانة رائدة في مجال السلامة والصحة المهنية في المنطقة، حيث تتخذ خطوات متواصلة نحو تعزيز بيئة العمل وضمان سلامة وصحة العاملين في جميع قطاعات سوق العمل، من خلال سعيها إلى الحد من الإصابات والأمراض المهنية والوفيات المرتبطة بالعمل، وتتجلى هذه الجهود في سلسلة من النجاحات المتواصلة التي تسهم في تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية في هذا المجال.
وترتكز جهود المملكة في مجال السلامة والصحة المهنية على إستراتيجية متكاملة تشمل تحديث القوانين واللوائح، وتعزيز الرقابة والإشراف على الممارسات الصحية والسليمة في مختلف القطاعات، كما تولي المملكة اهتمامًا كبيرًا لتطوير برامج التدريب والتأهيل في مجال السلامة والصحة المهنية؛ بهدف تمكين العاملين من اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة والتعامل الآمن مع مخاطر العمل.
ولتحقيق التطلعات الطموحة لرؤية المملكة 2030؛ وبدعمٍ غير محدود من القيادة الرشيدة، وبالمواءمة مع مستهدفات إستراتيجية وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وإستراتيجية سوق العمل، وبالتوافق مع متطلبات اتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات العلاقة التي تسهم في تعزيز حق العاملين بالعمل ضمن بيئة عمل آمنة وصحية، واستكمال لما أنجزته المملكة خلال السنوات الماضية؛ أطلقت الوزارة ممثلةً بالمجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية مجموعة من المبادرات والمشاريع لتحقيق الاستدامة في تطبيق متطلبات السلامة والصحة المهنية ومتطلبات السياسة الوطنية للسلامة والصحة المهنية.
ومن بين هذه المشاريع، تأتي مبادرة "كوادر السلامة والصحة المهنية" التي تهدف إلى تعزيز مهارات ومعرفة الكوادر البشرية في هذا المجال، من خلال توفير مسارين: ممارس ومحترف، بهدف تعزيز تطبيق ممارسات السلامة والصحة المهنية في المنشآت.
بالإضافة إلى مشروع "إنشاء مركز الدراسات والبحوث والابتكار في السلامة والصحة المهنية" بصفته مركزاً متخصصاً في البحث والتطوير والابتكار بالتعاون مع جامعة أم القرى، حيث يعمل المركز على تعزيز مستوى البحوث التقنية وتطبيقاتها وتقديم حلول مبتكرة في مجال السلامة والصحة المهنية.
ويأتي مشروع "الخدمات الصحية المهنية" لوضع تشريعات "خدمات الصحة المهنية" لتنظيم وتطوير خدمات الصحة المهنية على المستوى الوطني؛ بهدف حماية العاملين في المنشآت من الأمراض المهنية.
ويسعى مشروع "تنظيم العمل في المهن ذات المخاطر العالية" إلى تطوير قائمة بالمهن ذات المخـاطر العـالية، وفقا للمادة 131 مكررًا من نظـم العمل التي تم استحداثها في نظام العمل في جميع المجالات بما يتوافق مع أبرز الممارسات العالمية وبالتنسيق مع الجهات الحكومية المرخصة لهذا المهن.
كما تم إطلاق برامج تدريبية تعريفية وتوعوية للموظفين العاملين بالمهن ذات المخـاطر العـالية في جميع القطاعات لرفع المستوى المعرفي والوعي، وتوفير اختبـارات للبرامج التدريبية للحصول على ترخيص العمل بهذه المهن.
ويهدف مشروع "تنظيم وتسجيل البلاغات" إلى تنظيم عملية التسجيل وإجراءات التحقيق في الحوادث وإصابات العمل، من خلال تصميم الآليات والبرامج للرصد والتحقيق والتحليل لمنع مسببـات حوادث العمل والأمراض المهنية، وأتمتة النماذج التشغيلية للتبليغ عن حوادث العمل والأمراض المهنية، وكذلك تنمية القدرات والكوادر الوطنية في مجاـل التحقيق في حوادث العمل والأمراض المهنية. من أجل الوصول إلى بيئات عمل آمنة ورفع مستوى السلامة والصحة المهنية.
ولا يقتصر دور المملكة في هذا المجال على الساحة المحلية فقط، بل تسعى إلى تبادل الخبرات والمعرفة مع دول أخرى، والمشاركة في الجهود الدولية المشتركة لتعزيز السلامة والصحة المهنية على المستوى العالمي، مما يعكس التزام المملكة بالمسؤولية الاجتماعية الدولية ودورها كشريك فاعل في بناء بيئة عمل أكثر أمانًا وتطورًا، سواء على المستوى المحلي، الإقليمي أو العالمي.
وتشارك المملكة دول العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للسلامة والصحة، الموافق في 28 أبريل من كل عام، بهدف ترسيخ مفاهيم السلامة والصحة المهنية وتعزيز حماية العاملين في مكان العمل، من خلال تطوير المعايير الوطنية في هذا المجال، لتحقيق التوافق مع المعايير العالمية وتعزيز مكانتها الرائدة في الساحة الدولية.
هذه الإنجازات تعكس التزام المملكة بتعزيز بيئة العمل الآمنة والصحية، وتوفير فرص العمل في مجال السلامة والصحة المهنية، وتحسين جودة الحياة للعاملين في سوق العمل السعودي.